الفَصْلُ السَّابعُ عشر في الفَرْق بين الاعْتبار والمتابَعة والشَّاهد
قد أكثر البُخاري من ذكر المتابعة، فإذا روى حمَّاد مثلًا حديثًا عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نظرنا هل تابعه ثقة فرواه عن أيوب، فإن لم نجد فثقة غير أيوب عن ابن سيرين، وإلا فثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإلا فصحابي غير أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأيّ ذلك وجد عُلم أن له أصلًا يرجع إليه وإلا فلا، فهذا النظر هو الاعتبار.
وأما المتابعة: بأَن يرويه عن أيوب غير حماد، أو عن ابن سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة، فكل نوع من هذه يسمى متابعة.
وأما الشاهد: بأن يُروى حديث آخر بمعناه، ويسمى المتابعة شاهدًا ولا ينعكس، فإذا قالوا في مثل هذا: تفرد به أبو هريرة أو ابن سيرين أو أيوب أو حماد، كان مشعرًا بانتفاء وجوه المتابعات.
ويدخل في المتابعة والاستشهاد رواية بعض الضعفاء، وفي الصحيح جماعة منهم ذكروا في المتابعات والشواهد، ولا يصلح لذلك كل ضعيف، ولهذا يقول الدارقطني وغيره: فُلان يعتبر به، وفلان لا يعتبر به.
مثال المتابع والشاهد: حديث سفيان بن عُيَيْنة عن عمرو بن دينار