(٦) قوله: (أفلا نتكل) أي: أفلا نعتمد على ما كتب لنا في الأزل ونترك العمل، يعني: إذا سبق القضاء لكل واحد منا بالجنة أو النار فأيّ فائدة في السعي، فإنه لا يرد قضاء اللَّه وقدره؟ وأجاب -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله:"اعملوا" وهو من الأسلوب الحكيم، منعهم -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الاتكال وترك العمل، وأمرهم بالتزام ما يجب على العبد من امتثال أمر مولاه، وعبوديته، وتفويض الأمر إليه آجلًا، يعني: أنتم عبيد ولا بد لكم من العبودية، فعليكم بما أمرتم، وإياكم والتصرف في الأمور الإلهية لقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦]، فلا تجعلوا العبادة وتركها سببًا مستقلًا لدخول الجنة والنار، بل إنها أمارات وعلامات لها، ولا بد في الإيجاب من لطف اللَّه وكرمه أو خذلانه، كما ورد:"ولا يدخل أحدكم الجنة بعمله" الحديث، فالفاء تفصح عن هذه المقدرات، قاله الطيبي (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥)، وقال الخطابي: لما أخبر -صلى اللَّه عليه وسلم- عن سبق الكتاب بالسعادة رام القوم أن يتخذوه