(١) قوله: (بحق أخيه) إنما ذكر بالأخوة باعتبار الجنسية؛ لأن المراد خصمه [وهو] أعم من أن يكون مسلمًا أو ذميًا أو معاهدًا أو مرتدًا؛ لأن الحكم في الكل سواء. قوله:"فإن قضاء الحاكم … " إلخ، هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور وداود وسائر الظاهرية: أن كل ما قضى به الحاكم من تمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو طلاق وما أشبه ذلك على ما حكم وإن كان في الباطن على ضد ما شهد به الشاهدان، وعلى خلاف ما حكم، بشهادتهما على الحكم الظاهر لم يكن قضاء القاضي موجبًا شيئًا من تمليك ولا تحليل ولا تحريم. [انظر "العيني"(١٦/ ٤٣٢ - ٤٣٣).
وقال في "فتح القدير"(٧/ ٣٠٦ - ٣٠٧): وكل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريمه في الباطن كذلك أي: هو عند الله حرام وإن كان الشهود الذين قضى بهم كذبة والقاضي لا يعلم ذلك، وكذا لو قضى بإحلال، وهذا عند أبي حنيفة، وهو مشروط بما إذا كانت الدعوى بسبب معين للحل والحرمة كالبيع والنكاح والطلاق؛ لأن القضاء إظهار لعقد سابق، ولا بد من عقد سابق فيها وإلا تقدم العقد اقتضاء لينقطع المنازعة من كل وجه؛ إذ لو لم يثبت الحل بينهما يكون هذا تمهيدًا للمنازعة لا قطعًا؛ ولأنه في صورة التفريق لو فرق بينهما بأمر الزوج نفذ ظاهرًا وباطنًا فبأمر الله أولى، والقاضي مأمور بذلك منه، ولما روي أن رجلًا ادعى على امرأة نكاحًا بين يدي علي رضي الله عنه وأقام شاهدين فقضى بالنكاح بينهما، فقالت: إن لم يكن [لي منه] بُدٌّ يا أمير المؤمنين فزوجني، فقال علي رضي الله عنه: شاهداك زوجاك. ولو لم ينعقد بينهما بقضائه لما امتنع علي رضي الله عنه من تجديد نكاح عند طلبها ورغبة الزوج فيها، هذا كله من "فتح القدير" و"الكفاية" و"النهاية" شروح "الهداية".