(٦) قوله: (وسمعتهم يصرخون بهما) أي: بالحجّ والعمرة، والضمير في "سمعتهم" راجع إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن معه من الصحابة، وفي الحديث حجة الجمهور في استحباب رفع الصوت بالتلبية، قاله العيني (٧/ ٧٠) و"قس"(٤/ ٤٦). وقال العيني: فيه دليل على أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان قارنًا، وأنه أفضل من التمتع والإفراد، قال المهلّب: إنما سمع أنس مَنْ قَرَنَ خاصة، وليس في حديثه أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصرخ بهما، وإنما أخبر عن قوم، وقد يمكن أن يسمع قومًا يصرخون بحجٍّ وقومًا بعمرة.
وقال الكرماني (٨/ ٧٧): يحتمل أن يكون على سبيل التوزيع بأن يكون بعضهم صارخًا بحج وبعضهم بعمرة، قلت: وكل هذا تعسُّفٌ منهما أن لا يكون الحديث حجة عليهما، ومع هذا هو حجة عليهما، وعلى كل من كان في مذهبهما، ولا يوجد في الردِّ عليهم أقوى من قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لبيك بحجة وعمرة" معًا، كما سيجيء إن شاء الله تعالى، انتهى.