(١) قوله: (الكفارة … ) إلخ، اختلف العلماء في جواز الكفارة قبل الحنث، فقال ربيعة ومالك والثوري والليث والأوزاعي: تجزئ قبل الحنث. وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور، وروي مثله عن ابن عباس وعائشة وابن عمر رضي الله تعالى عنهم. وقال أبو حنيفة: لا تجزئ قبل الحنث، واحتجّ له الطحاوي بقوله تعالى:{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}[المائدة: ٨٩]، والمراد إذا حلفتم فحنثتم. قلت: أبو حنيفة ما انفرد بهذا، وقال به أيضًا أشهب من المالكية وداود الظاهري، وما ذهب إليه الشافعي - وهو أن العتق والكسوة والإطعام يجزئ قبل الحنث بخلاف الصيام - مخالف للظاهر، فإن الكفارة اسم لجميع أنواعها فبعد الحنث حمل اللفظ على جميعها، وقبل الحنث خصص اللفظ ببعضها، فترك الظاهر من ثلاثة أوجه: أحدها: تسميتها كفارة، وليس هنا ما يكفّر، والثاني: صرف الأمر عن الوجوب، والثالث تخصيص التكفير ببعض الأنواع، كذا في "العيني"(١٥/ ٧٦٤). [انظر "التوضيح"(٣٠/ ٤٤٤)].