(١) قوله: (باب قول اللّه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ .... } إلخ) ذكر هاتين القطعتين من الآيتين الكريمتين، وأراد بالأولى الرد على الجهمية المجسمة في تعلقهم بظاهر قوله تعالى: {ذِي الْمَعَارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، وقد تقرر أن اللّه ليس بجسم، فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان، وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه: اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان، و {الْمَعَارِجِ}: جمع معرج، كالْمصاعد جمع مصعد، والعروج: الارتقاء، يقال: عرج بفتح الراء يعرج بضمها عروجًا ومعرجًا، والمعرج: المصعد والطريق الذي تعرج فيه الملائكة إلى السماء، والمعراج: شبيه بسُلّم أو دُرَج تعرج فيه الأرواح إذا قبضت، وحيث تصعد أعمال بني آدم، وقال الفراء:{الْمَعَارِجِ} أي: الفواضل العالية. قوله:" {وَالرُّوحُ} " اختلف فيه فقيل: جبرئيل، وقيل: ملك عظيم، تقوم الملائكة صفًّا ويقوم هو وحده صفًّا؛ قال عَزَّ وَجَلَّ:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا}[النبأ: ٣٨]، وقيل: هو خلق من خلق اللّه لا ينزل ملك إِلَّا ومعه اثنان منهم، وعن ابن عباس: أنه ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح اللّه إلى يوم القيامة، وقيل: هم خلق كخلق بني آدم لهم أيد وأرجل. وأما الآية الثانية: فردّ شبهتهم أيضًا؛ لأن صعود الكلم إليه لا يقتضي كونه في جهة، إذ الباري سبحانه وتعالى لا تحويه جهة إذ كان موجودًا ولا جهة، ووصف الكلم بالصعود إليه مجاز؛ لأن الكلم عرض والعرض لا يصلح لأن ينقل. قوله:" {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} " قيل: القرآن، {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} أداء فرائض اللّه تعالى، "ع"(٦/ ٦٢٥)، وكذا في "ف"(١٣/ ٤١٦ - ٤١٧).