آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم، فإن من رضي فعل قوم وعملهم التحق بهم، ولكن خصت المدينة بالذكر لشرفها لكونها مهبط الوحي وموطن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومنها انتشر الدين في أقطار الأرض فكان لها مزيد فضل على غيرها. وقال غيره: السر في تخصيص المدينة بالذكر أنها كانت إذ ذاك موطن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم موطن الخلفاء الراشدين، "ف"(١٣/ ٢٨١ - ٢٨٢).
(١) قوله: (باب ما يذكر من ذم الرأي) أي: الذي يكون على غير أصل من الكتاب والسُّنَّة والإجماع، وأما الرأي الذي يكون على أصل من هذه الثلاثة فهو محمود، وهو الاجتهاد. وقوله:"وتكلف القياس" أي: الذي لا يكون على هذه الأصول لأنه ظن والظن رد، وأما القياس الذي يكون على هذه الأصول فغير مذموم، وهو الأصل الرابع المستنبط من هذه، والقياس هو: الاعتبار، والاعتبار مأمور به، فالقياس مأمور به، وذلك لقوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر: ٢]، فكان حجة. وقوله:" {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} " احتج به لما ذكره من ذم التكلف، ثم فسر "القفو" بالقول، وهو من كلام ابن عباس، أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وقال أبو عبيدة: معناه: لا تتبع ما لا تعلم وما لا يعنيك. وقال الراغب (ص: ٦٨): الاقتفاء اتباع القفا، كما أن الارتداف اتباع الردف، ويكنى بذلك عن الاغتياب وتتبع المعايب، ومعنى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}: لا تحكم بالقيافة والظن، والقيافة مقلوب عن الاقتفاء نحو جذب وجبذ. وهو حجة على من يحكم بالقيافة، "ع"(١٦/ ٥٢٥)، "ف"(١٣/ ٢٨٢ - ٢٨٣).