١ - بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ (١)(٢) تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ
===
ولعلهم يقولون بالتثليث كما يقول به الوجودية؛ فإنهم لا يقدرون أن يقولوا في قولنا:"لا إله إِلَّا اللّه": إن المراد به مرتبة الذات؛ لأنهم قائلون بأنه تعالى في تلك المرتبة عارية عن جميع الصفات والأسماء لا يشار إليه بل مجهول مطلق، ولا يقدرون أن يقولوا: إن المراد به مرتبة الأسماء والصفات؛ لأنها عندهم بعد المرتبة الثانية التي يسمونه حقيقة محمدية؛ لأن المتقدم أحق بالألوهية من المتأخر فضاهوا بالتوحيد. وقتل جهم في أوائل المائة الثانية في ثلاثين ومائة أو قريبًا منه. وجهم بفتح الجيم، والجهمية: نسبة إلى جهم بن صفوان، وأتباعه اليوم أكثر من أن يحصى، ولكنهم تستروا لأنفسهم بأن سموهم صوفية.
وقال أيضًا: وعنوان الكتاب بالتوحيد بمنزلة عنوان المتكلمين بالإلهيات فكما يذكرون فيها مباحث الذات والصفات والنبوة وخلق الأعمال والحشر والميزان فكذا ذكره البخاري في هذا الكتاب المعنون بكتاب التوحيد الأمور المذكورة، وليكن هذا عندك أصلًا حتى لا تحتاج في كل مقام إلى تكلف مال إليه الشراح، انتهى. [وفي "اللامع"(١٠/ ٣٦٢): هذا وجيه خالٍ عن الإشكالات الواردة على لفظ التوحيد بعد كتاب الرد على الجهمية].
(١) وهو الشهادة بأن اللّه إله واحد، "ع"(١٦/ ٥٧٥)، "ف"(١٣/ ٣٤٨).
(٢) قوله: (إلى توحيد اللّه) فإن قلت: ما معناه؛ إذ هو واحد أزلًا وأبدًا قبل وجود الموحدين وبعدهم؟ قلت: يعني به: إثبات الوحدانية بالدليل، أو معناه: النسبة إلى الوحدانية نحو: فَسَّقْت زيدًا أي: نسبته إلى الفسق.
لما فرغ البخاري من مسائل أصول الفقه شرع في مسائل أصول الكلام وما يتعلق بها وبذلك ختم كتابه.