(١) قوله: ({مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ. . .} إلخ) ردٌّ وإنكارٌ لما ابتدعه أهل الجاهلية، وهو أنهم إذا نتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها، أي: شقّوها وخلّوا سبيلها، فلا تُركب ولا تُحلب. وكان الرجل منهم يقول: إن شفيتُ فناقتي سائبة، ويجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها. وإذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم، وإذا ولدت ذكرًا فهو لآلهتهم، وإن ولدتهما [قالوا]: وصلت الأنثى أخاها فلا يذبح لها الذكر. وإذا نتجت من صلب الفحل عشرةَ أبطن حَرّموا ظهرَه، ولم يمنعوه (١) من ماء ولا مرعى، وقالوا: قد حمي ظهره. ومعنى "ما جعل": ما شرع ووضع، ولذلك تعدى إلى مفعول واحد، وهو البحيرة، و"مِنْ" مزيدة، هذا كله ما ذكره البيضاوي (١/ ٢٨٥). قال القسطلاني (١٠/ ٢٢٢): ومنع أبو حيان كون "جعل" هنا بمعنى شرع أو وضع أو أمر، وخرج الآية على التصيير، وجعل المفعولَ الثاني محذوفًا، أي: ما صيّرَ الله بحيرةً مشروعةً، انتهى.
(٢) قوله: ({وَإِذْ قَالَ اللَّهُ} يقول) غرضه أن لفظة "قال" في قوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ. . .} إلخ، بمعنى يقول؛ لأن الله تعالى إنما يقول هذا القول في يوم القيامة توبيخًا للنصارى. قوله:"وإذ" ها هنا صلة، أي: زائدة لأن "إذ" للماضي، وههنا المراد به المستقبل، "قس"(١٠/ ٢٢٢).
(٣) قوله: (المائدة أصلها مفعولة) مراده أن لفظ "المائدة" وإن كان على لفظ فاعلة فهو بمعنى مفعولة، كعيشة راضية بمعنى مرضية، وتطليقة بائنة