(١) قوله: (من سلم المسلمون) فإن قلت: سألوا عن الإسلام أي الخصلة؟ فأجاب بمن سَلِم، أَيْ ذي الخصلة، حيث قال: من سَلِمَ، ولم يقل هو سلامة المسلمين من لسانه ويده، كيف يكون الجواب مطابقًا للسؤال؟ قلت: هو جواب مطابق وزيادة من حيث المعنى، إذ يُعْلَم منه أن الأفضلية باعتبار تلك الخصلة، وذلك نحو قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ}[البقرة: ٢١٥]، فإن قلت: فإذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلمًا كاملًا وإن لم يأت بسائر الأركان، وهذا باطل اتفاقًا؟ قلت: هذا ورد على سبيل المبالغة تعظيمًا لترك الإيذاء كأنه هو نفس الإسلام، وهو محصور فيه على سبيل الادِّعاء، وأمثاله كثيرة، كذا في "الكرماني"(١/ ٨٨ - ٨٩)، و"العيني"(١/ ٢١١).
[قال الزركشي في "التنقيح"(١/ ٢٩) في قوله: "من سلم المسلمون إلخ": فيه تقديران: أحدهما: أيُّ خصال الإسلام أفضل؟ فقال: من سلم، أي: خصلة من سلم المسلمون منه، والثاني: أيُّ ذوي الإسلام أفضل؟ فيكون قوله:"من سلم" غير محتاج إلى تقدير].