للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ " (١). [تحفة ١٤٢٢٢].

٣٩ - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ (٢) كَهَاتَيْنِ (٣) "

===

فيدعو الله فيشفيه منها ويدفع مكروهها عنه، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمراَ ثم يبدو له في ذلك فيتركه ويعرض عنه، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله، وهذا معنى أن الدعاء يرد البلاء. والثاني: ما ردَّدت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي من قصة موسى عليه السلام وما كان من لطمه عين ملك الموت وتردده إليه مرة بعد أخرى، وحقيقة المعنى في الوجهين: لطف الله بالعبد وشفقته وعطفه عليه. أقول: ها هنا وجه ثالث، وهو: أنه يقبض روح المؤمن بالتأني والتدريج، بخلاف سائر الأمور؛ فإنها تحصل بمجرد قول: "كن" سريعًا دفعة، انتهى. [انظر: "أعلام الحديث" (٣/ ٢٢٥٩ - ٢٢٦٠) و"التوضيح" (٢٩/ ٥٩١)].

(١) قوله: (وأنا أكره مساءته) أي: حياته؛ لأن بالموت يبلغ إلى النعيم المقيم لا في الحياة، أو لأن حياته تؤدي إلى أرذل العمر وتنكيس الخلق والرد إلى أسفل سافلين، أو أكره مكروهه الذي هو الموت فلا أسرع بقبض روحه فأكون كالمتردد. فإن قلت: ما وجه تعلقه بالترجمة؟ قلت: التقرب بالنوافل لا يكون إلَّا بغاية التواضع والتذلل للرب تعالى، وقيل: الترجمة مستفادة مما قال: "كنت سمعه" ومن التردد، قاله الكرماني (٢٣/ ٢٣). ويمكن التوجيه أن يقال: إن التواضع أيضًا من جملة النوافل التي يتقرب بها إلى الله تعالى، فيتأتى التطابق بلا تكلف.

(٢) بالرفع والنصب، "ك" (٢٣/ ٢٣)، وجه النصب: أن الواو بمعنى مع، "ع" (١٥/ ٥٧٨).

(٣) أي: الأصبعين: السبابة والوسطى، "ع" (١٥/ ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>