هذا الدين عزيزًا إلى اثني عشر خليفة"، وقال المهلب: لم ألق أحدًا يقطع في هذا الحديث، فقوم قالوا: يكون اثنا عشر أميرًا بعد الخلافة المعلومة [مرضيين]، وقوم يقولون: يكونون متوالين إمارتهم، وقوم يقولون: يكونون في زمن واحد كلهم من قريش يدعي الإمارة. والذي يغلب على الظن أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد أن يخبر بأعاجيب تكون من بعده الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميرًا، ولو أراد غير هذا لقال: يكون اثنا عشر أميرًا يفعلون كذا ويصنعون كذا، فلما أعراهم من الخبر عرفنا أنه أراد أنهم يكونون في زمن واحد، انتهى. وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي في "البخاري" وقد عرفت رواية مسلم وقع فيها ذكر الصفة التي تختص بولايتهم وهو كون الإسلام عزيزًا منيعًا، ووقع في الرواية الأخرى عند أبي داود: "كلهم تجتمع عليه الأمة". ويعارض هذا العدد حديث سفينة: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا"؛ لأن الثلاثين لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن. وأيضًا يرد عليه أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد!! والجواب عن الأول: أنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة ولم يقيده في هذا الحديث بذلك، وعن الثاني أنه لم يقل: لا يلي إلا اثنا عشر وإنما قال: يكون اثنا عشر، وقد ولي هذا العدد ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم ويحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل وقد مضى منهم: الخلفاء الأربعة، ولا بد من تمام العدد قبل قيام الساعة.
وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل" (١/ ٤٥٠): فيه ثلاثة أوجه، الأول: أنه إشارة إلى ما بعده - صلى الله عليه وسلم - وبعد أصحابه فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم، فكأنه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أمية وكأن قوله: "لا يزال الدين - أي الولاية - إلى أن يلي اثنا عشر خليفة" ثم ينتقل إلى صفة أخرى أشد من الأولى، وأول بني أمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار،