(١) مَرَّ الكلام فيه وتحقيق الحق (برقم: ٥٥٣٧، ٥٣٩١).
(٢) قوله: (قال: لا بأس به) وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه بحرمته، وقد نقله ابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لحديث أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن شبل:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحم الضب"، وفي إسناده إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح عن عبيد عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل. قال الحافظ: وحديث ابن عياش عن الشاميين قوي، وهؤلاء شاميون ثقات، ولا يلتف إلى قول الخطابي: ليس إسناده بذاك، وقولِ ابن حزم: فيه ضعفاء ومجهولون، وقولِ البيهقي: تَفَرَّدَ به ابن عياش وليس بحجة، وقولِ ابن الجوزي: لا يصح، قال: وكل ذلك تساهل لا يخفى؛ فإن رواية إسماعيل عن الشاميين قوية ورجاله كلهم ثقات أثبات، والحديث أخرجه أبو حنيفة في "مسنده" عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: "أنه أهدي لها ضب فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهاها عن أكله، فجاء سائل فأمرت له به، فقال رسول الله: أتطعمين ما لا تأكلين؟ ". وقد أخرج أحمد وأبو يعلى حديث عائشة بإسناد ورجاله رجال الصحيح مثله، والهمزة فيه للإنكار يعني: لا تطعمي مما لا تأكلين، فنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التصدق به إنما هو نظرًا إلى عدم إباحته؛ لأنه لو كان مباحًا لما منعها عن التصدق به. ولا يقال: إن النهي عن التصدق إنما هو من قبيل {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}[البقرة: ٢٦٧]، و {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢]؛ لأنا نقول: هذا إنما يتم فيمن وجد عنده شيء جيد فيختار الرديء للتصدق، وأما من لا يجد إلا رديئًا وقد سأله مضطر إلى استعماله فإنه لا يمنعه عن تصدق ما يجده، بل نقول: إنه يثاب على ذلك. ثم الأصل أنه متى تعارض الدليلان أحدهما يوجب الحظر والآخر الإباحة يغلب الحظر.