وقال البيهقي: ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - على حلف عمر، فيحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - كان متوقفًا في أمره ثم جاءه الثبت من الله تعالى بأنه غيره على ما تقتضيه قصة تميم الداري، وبه تمسك من جزم بأن الدجال غير ابن صياد، وطريقه أصح، وتكون الصفة التي في ابن صياد وافقت ما في الدجال، وكان الذين جزموا بأنه هو الدجال لم يسمعوا قصة تميم، فأما عمر فيحتمل أن يكون منه ذلك قبل أن يسمع قصة تميم، ثم لما سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستصحب ما كان اطلع عليه، لكن أخرج أبو داود عن أبي سلمة عن جابر، فذكر قصة الجساسة والدجال بنحو قصة تميم، فقال: شهد جابر أنه ابن صياد، قلت: فإنه قد مات، قال: وإن مات، قلت: فإنه أسلم، قال: وإن أسلم، قلت: فإنه دخل المدينة قال: وإن دخل، ويتعقب به على من زعم أن جابرًا لم يطلع على قصة تميم، قال النووي (١٨/ ٤٥): قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة، وأمره مشتبه، ولكن لا يشك أنه دجال من الدجاجلة، والظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوح إليه بشيء في أمره، وإنما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة فلذلك كان - صلى الله عليه وسلم - لا يقطع في أمره بشيء بل قال لعمر:"لا خير لك في قتله … " الحديث، وأما احتجاجاته بأنه مسلّم إلى سائر ما ذكر فلا دلالة فيه على دعواه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر عن صفاته وقت خروجه آخر الزمان.
وقال الخطابي ["الأعلام"(١/ ٧١١)]: اختلف السلف في أمر ابن صياد بعد كبره، فروي عنه أنه تاب ومات بالمدينة، وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا وجهه حتى يراه الناس، وقيل لهم: اشهدوا. وأخرج أبو نعيم الأصبهاني في " [تاريخ] أصبهان" ما يؤيد كون ابن صياد هو الدجال، فساق عن حسان بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما افتتحنا أصبهان كان بين عسكرنا