للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الحديث، أخرجه النسائي. وظاهر هذا السياق أن الضمير للزاعم، ولكن ورد التصريح بأنه لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد ربه بن سعيد عن داود بن أبي هند عن الشعبي بلفظ: "أعظم الفرية على اللّه من قال: إن محمدًا رأى ربه وإن محمدًا كتم شيئًا من الوحي، وإن محمدًا يعلم ما في غدٍ" وهو عند مسلم من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن داود وسياقه أتم، ولكن قال فيه: "ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد". هكذا بالضمير، كما في رواية إسماعيل معطوفًا على "من زعم أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئًا". وما ادعاه من النفي متعقب؛ فإن بعض من لم يرسخ في الإيمان كان يظن ذلك حتى كان يرى أن صحة النبوة يستلزم اطلاع النَّبِيّ على جميع المغيبات، كما وقع في المغازي لابن إسحاق أن ناقة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ضلت، فقال زيد بن اللصيت - بصاد مهملة وآخره مثناة وزن عظيم -: يزعم محمد أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن رجلًا يقول كذا وكذا، وإني واللّه لا أعلم إِلَّا ما علّمني اللّه، وقد دلني الله عليها وهي في شعب كذا، قد حبستها شجرة، فذهبوا فجاؤوه بها"، فأعلم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يعلم من الغيب إِلَّا ما علمه الله، وهو مطابق لقوله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ … } الآية، "فتح الباري" (١٣/ ٣٦٣ - ٣٦٤).

وقوله: "وهو يقول: لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" فإن قلت: التلاوة هي {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} لا ما ذكره في "الجامع"؟ قلت: يحتمل أن يكون ضمير هو راجعًا إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو ذكر المقصود من الآية وجاز مثله إذ ليس قاصدًا للقراءة ولا ناقلًا لها، "كرماني" (٢٥/ ١٠٢).

[فيه إثبات صفة العلم وفيه أيضًا ردّ على المعتزلة حيث قالوا: إنه عالم بلا علم، وأنكر الجهمية أيضًا كونه عالمًا، "اللامع" (١٠/ ٣٦٥)].

<<  <  ج: ص:  >  >>