للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأفعال كلها لله تعالى سواء كانت من المخلوقين خيرًا أو شرًا فهي لله خلق وللعباد كسب، ولا ينسب شيء من الخلق لغير الله تعالى فيكون شريكًا وندًّا ومساويًا له في نسبة الفعل إليه، وقد نبه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرحة بنفي الأنداد والالهة المدعوة معه، فتضمنت الرد على من يزعم أنه يخلق أفعاله، ومنها ما يحذر به المؤمنين أو أثنى عليهم، ومنها ما وبخ به الكافرين. وحديث الباب ظاهر في ذلك.

وقال الكرماني (٢٥/ ٢١٢): الترجمة مشعرة بأن المقصود إثبات نفي الشريك عن الله، فكان المناسب ذكره في أوائل "كتاب التوحيد"، لكن ليس المقصود هاهنا ذلك بل المراد بيان كون أفعال العباد بخلق الله تعالى؛ إذ لو كانت أفعالهم بخلقهم لكانوا أندادًا لله وشركاء له، ولهذا عطف "ما ذكر في خلق … " إلخ، عليه، وتضمن الرد على الجهمية في قولهم: لا قدرة للعبد أصلًا، وعلى المعتزلة حيث قالوا: لا دخل لقدرة الله تعالى فيها. والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر ولكن أمر بين أمرين! فإن قيل: لا يخلو أن يكون فعل العبد بقدرة منه أو لا؛ إذ لا واسطة بين النفي والإثبات، فعلى الأول يثبت القدر الذي تدعيه المعتزلة، وعلى الثاني يثبت الجبر الذي هو قول الجهمية؟ فالجواب أن يقال: بل للعبد قدرة يفرق بها بين النازل من المنارة والساقط منها، ولكن لا تأثير لها بل فعله ذلك واقع بقدرة الله تعالى، فتأثير قدرته في بعد تأثير قدرة العبد، وهذا هو المسمّى بالكسب، وحاصل ما تعرف به قدرة العبد أنها صفة يترتب عليها الفعل والترك عادة، وتقع على وفق الإرادة.

وغرضه هاهنا الرد على من لم يفرق بين التلاوة والمتلو ولذلك أتبع هذا الباب بالتراجم المتعلقة بذلك مثل باب: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: ١٦] وباب: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ} [تبارك: ١٣]. واشتد إنكار الإمام أحمد ومن تبعه على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>