مستلزمة لعدم النظير والمثيل ونحو ذلك، وكذا العلم بجميع المعلومات والقدرة على جميع المقدورات ونحو ذلك.
وذكر التسبيح متلبسًا بالحمد ليعلم ثبوت الكمال له نفيًا وإثباتًا، وكرره تأكيدًا؛ ولأن الاعتناء بشأن التنزيه أكثر من جهة كثرة المخالفين، ولهذا جاء في القرآن بعبارات مختلفة نحو:"سبحان الله"، "وسبح" بلفظ الأمر "وسبح" بلفظ الماضي، "ويسبح" بلفظ المضارع؛ ولأن التنزيهات تدرك بالعقل بخلاف الكمالات فإنها تقصر عن إدراك حقائقها كما قال بعض المحققين: الحقائق الإلهية لا تعرف إلا بطريق السلب كما في العلم لا يدرك منه إلا أنه ليس بجاهل، وأما معرفة حقيقة علمه فلا سبيل إليه.
وقال شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في كلامه على مناسبة أبواب "صحيح البخاري": لما كان أصل العصمة أولًا وآخرًا هو توحيد الله، فختم بكتاب التوحيد، وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وخفتها فجعله آخر تراجم الكتاب، فبدأ بحديث "الأعمال بالنيات" وذلك في الدنيا، وختم بأن الأعمال توزن يوم القيامة، وأشار إلى أنه إنما يثقل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى، وفي الحديث الذي ذكره ترغيب وتخفيف وحثُّ على الذكر المذكور لمحبة الرحمن له والخفة بالنسبة إلى ما يتعلق بالعمل والثقل بالنسبة لإظهار الثواب، وجاء ترتيب هذا الحديث على أسلوب عظيم وهو أن حب الرب سابق وذكر العبد وخفة الذكر على لسانه تالٍ، ثم ساق ما فيها من الثواب العظيم النافع يوم القيامة، انتهى ملخصًا.
وقال الكرماني (٢٥/ ٢٥١): فإن قلت: تقدم في أول "كتاب التوحيد" عند بيان ترتيب أبواب الكتاب أن الختم بمباحث كلام الله لأنه مدار الوحي، وبه تثبت الشرائع، ولهذا افتتح ببدء الوحي والانتهاء إلى ما منه الابتداء؟