ولست أقول: إنه لو أراد غيري شرحه بهذا النمط العجيب، لم يكن له إليه سبيل ولا له فيه نصيب، للاحتياج إلى كثرة التصفح والاطلاع ومراجعة الكتُب إلى حد لا يستطاع؛ لأن هذا ادعاء بلا نزاع وخلاف، وليس من دَيْدِنِ أهل الأنصاف، كيف وقد قال عزّ من قائل:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٨٥]{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}[النساء: ١٢٢].
ولمَّا لم يتيسر لي فرصة لبسط الكلام، حسب ما يتضح به المرام، لهجوم الأشغال المتعلقة بالمطبع وتعجيل الطلّاب الذين غاصوا في بحار درس الكتاب، وتأكيدها إلى الطبع وغيره من الأسباب، فأرجو من الناظرين فيه بناظرة الإنصاف أن يعذروني في العثرات، وَيمُنُّوا عليّ بتدارك الزلَّات بالحسنات، فإن الخطأ والنّسيان قلما يخلو منه الناس، أما سمعتَ قول القائل:
إن أول الناس أولُ ناسٍ
على أني معترف والصدق منجاة، بأن الباع قصير والبضاعة مُزجاة، فليقنَعِ الناظِرُ بقليلي، ولا يقوم عليّ بتجهيلي، وإنما أنا رجل مجهول، لم أزل أنزوي زاوية خمول، لا أريد الترفع على أقراني في المجالس، والتصدر من بين أمثالي في المدارس.
ثم لَمّا كان شَغَفِي بخدمة الحديث النبوي بما أوصاني بها مرشدي ومولائي ذو النفس القدسية، والصفات الملكية، والْمَحْتَدِ الطاهر، والمفخر الظاهر، المشهور بالفضل في الافاق، قدوة أهل الوفاق، مولانا الحاجّ محمّد إسحاق، تغمّده الله تعالى برحمته وأسكنه دارَ كرامته، فشرعتُ في طبع "صحيح مسلم" مع شرحه للنووي ودقني الله لإتمامه، وجعل حسن اختتامه كحسن اختتامه (١)، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وآخر دعْوانا