للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يُخْرَج عنه في "الصحيح": "هذا جاز الْقَنْطَرةَ"، يعني بذلك: أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه.

قال الشيخ أبو الفتح القُشيري في "مختصره": وهكذا نعتقد، وبه نقول (١)، ولا نخرج (٢) عنه إلَّا بحجة ظاهرة وبيانٍ شافٍ يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدّمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بـ "الصحيحين"، ومن لوازم ذلك تعديل رُواتهما.

قلت: فلا يُقْبَل الطعن في أحد منهم إلَّا بقادح واضح، لأن أسباب الجرح مختلفة، ومدارها ههنا على خمسة أشياء: البدعة، أو المخالفة، أو الغلط، أو جهالة الحال، أو دعوى الانقطاع في السند بأن يُدَّعَى في الراوي أنه كان يُدَلِّسُ أو يُرْسل.

فأما جهالة الحال: فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في "الصيحيح" لأن شرط "الصحيح" أن يكون راويه معروفًا بالعدالة، فمن زعم أن أحدًا منهم مجهول العدالة فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف، ولا شك أن المدَّعِي لمعرفته مقدَّم على من يدّعي عدم معرفته، لما مع الْمُثْبِت من زيادة العلم، ومع ذلك فلا تجد في رجال "الصحيح" أحدًا ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلًا.

وأما الغلط: فتارة يكثر من الراوي وتارة يقِلّ، فحيث يوصف بكونه كثير الغلط يُنْظر فيما أخرج له إن وجد مرويًّا عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط، علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذا


(١) في الأصل: "نعول"، وهو تحريف.
(٢) في الأصل: "يخرج"، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>