أو المراد بالباب بجملته بيان كيفية بدء الوحي، [لا من كل حديث منه، فلو علم من مجموع ما في الباب كيفية بدء الوحي] من كل حديث شيء مما يتعلق به لصحَّت الترجمة.
اعلم أن ما اشتَهر بينهم أن سبب هذا الحديث - أي: حديث النية - قصة مهاجر أم قيس، رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(٩/ ١٦٠، رقم: ٨٥٤٠) بإسناد رجاله ثقات، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس، فأبت أن تتزوّجه حتى يهاجر، فهاجر فتزوجها، فكُنَّا نسميه: مهاجر أم قيس.
أما تعلق حديث النية بالترجمة، فذكر فيه وجوه:
الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب بهذا الحديث لما قدم المدينة، وذلك بدء ظهوره واستعلائه، فالأول مبدأ النبوة والرسالة، وهو قوله: باب بدء الوحي، والثاني بدء النصر والظهور.
الثاني: أنه لما كان الحديث مشتملًا على الهجرة، وكانت مقدمة النبوة في حقه - عليه السلام - هجرته إلى الله تعالى في غار حراء، فهجرته إليه كانت [ابتداء] فضله باصطفائه، ونزول الوحي إليه مع التأييد الإلهي والتوفيق الرَّبَّاني.
الثالث: إنما أتى به على قصد الخطبة والترجمة للكتاب، كما قال ابن مهدي الحافظ: من أراد أن يصنف كتابًا فليبدأ بهذا الحديث، وقال: لو صنفت كتابًا لبدأت في كل باب منه بهذا الحديث، "عيني"(١/ ٣٤ - ٣٥ - ٣٦). [إنما قصد الإمام البخاري أن يكون هذا الحديث عوضًا عن الخطبة التي يبدأ بها المؤلفون، هذا هو السِّرُّ في إيراده الحديث مختصرًا؛ إذ التخفيف في الخطبة مطلوب، قاله الدماميني، انظر "مصابيح الجامع"(١/ ١٨ - ١٩)].
[قال شيخ الهند: لا يريد بلفظ الترجمة مدلوله الأصلي اللفظي الصريح، بل يريد مدلوله الالتزامي الثابت بالإشارة والإيماء، ففي هذه