للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ (١)، فَقَالَ: "اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي"، قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي (٢)، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: "إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى (٣) ". [راجع ح: ١٢٥٢].

"لَمْ أَعْرِفْكَ" زاد في نـ: "يَا رَسُولَ اللهِ".

===

(١) لم تعرف المرأة ولا صاحب القبر، "قس" (٣/ ٣٩٨).

(٢) أي: تنحَّ عني وابعُدْ، "ع" (٣/ ٩٣).

(٣) قوله: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) قال الخطابي: المعنى أن الصبر الذي يُحْمَدُ عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعد ذلك، فإنه بعد الأيام يسلو، قال ابن بطال: أراد أن لا يجتمع عليها مصيبة الهلاك وفقد الأجر.

والمطابقة للترجمة من أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينه المرأة المذكورة عن زيارة قبر ميتها، وإنما أمرها بالصبر، فدلّ على الجواز من هذه الحيثية، كذا قاله العيني (٦/ ٩٣ - ٩٤) وغيره، قال القسطلاني (٣/ ٣٩٩): واستُدِلّ به على زيارة القبور، سواء كان الزائر رجلًا أو امرأة، انتهى.

وقال العيني: وروي في الإباحة أحاديث كثيرة، منها: حديث بريدة أخرجه مسلم [ح: ٢٢٥٧]: قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" "الحديث"، ورواه الترمذي [ح: ١٠٥٤] أيضًا، وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بزيارة القبور بأسًا، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وروى الترمذي حديث أبي هريرة: أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لعن الله زوّارات القبور" وقال: هذا حديث حسن صحيح، ثم قال: وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخّص

<<  <  ج: ص:  >  >>