= شيء فلا ينافي أن الأصحّ أنهم من أهل الجنة، هذا ما قاله علي القاري في "المرقاة"(١/ ٣١٢).
ويؤيد قول ابن حجر ما قاله النووي في "شرح مسلم"(٨/ ٤٦٢): اختلف العلماء فيمن مات من أطفال المشركين، فمنهم من يقول: هم تبع لآبائهم في النار، ومنهم من توقف فيهم، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون: أنهم من أهل الجنة، واستَدَلَّ بأشياء، منها: حديث إبراهيم عليه السلام حين رآه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحوله أولاد الناس، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة، قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وأولاد المشركين"، رواه البخاري في "صحيحه" أي: في "التعبير"[ح: ٧٠٤٧]. منها: قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥]، ولا يتوجّه على المولود التكليف حتى يبلغ فيلزم الحجة، وهذا متفق عليه.
قال الطيبي (١/ ٢٦٢) بعد نقل هذا: أقول -والعلم عند الله-: الحقّ التوقف؛ لما ورد في حديث خديجة في أولادها، رواه أحمد "في مسنده"، وحديث "الوائدة والموءودة في النار" مخالف لحديث إبراهيم عليه السلام، فالوجه أن يبنى الكلام على حديث عائشة رضي الله عنها، وقولُها:"عصفور من عصافير الجنة"[في شأن ولد من المسلمين] فعلى هذا أولاد المشركين الذين كانوا بين يدي إبراهيم هم المشركون الذين لم يسلموا حينئذ ثم في المآل آمنوا، أما قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} فيحتمل أن يراد بالعذاب الاستئصال في الدنيا؛ لأن "حتى" تقتضي ظاهرًا أن يكون العذاب في الدنيا، انتهى مختصرًا.