قال العيني وغيره: اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، فقال مالك في "الموطأ": تفسير "لا يُجْمَع بين متفرق" أن يكون ثلاثة أنفس لكل واحد أربعون شاة، فإذا أَظَلَّهم المصدّق جمعوها ليؤدّوا شاة، "ولا يفرَّق بين مجتمع" بأن يكون للخليطين مائتا شاة وشاتان، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فيفرّقونها حتى لا يكون على كل واحد إلا شاة واحدة، فنهوا عن ذلك، وهو قول الثوري والأوزاعي، وقال الشافعي: تفسيره أن يفرق الساعي الأول ليأخذ من كل واحد شاة، وفي الثاني ليأخذ ثلاثًا، فالمعنى واحد، لكن صرف الخطاب الشافعي إلى الساعي كما حكاه عنه الداودي، وصرفه مالك إلى المالك، وقال الخطابي عن الشافعي: إنه صرفه إليهما، انتهى، ملتقط من كلام "العيني"(٦/ ٤٤٠)، و"القسطلاني"(٣/ ٦٤٧).
قال ابن الهمام (٢/ ١٧٤): إذا كان النصاب بين شركاء، وصحّت الخلطة بينهم باتحاد المسرح والمرعى والمراح والراعي والفحل والمحلب تجب الزكاة فيه عنده، أي: عند الشافعي، لقوله عليه السلام:"لا يُجْمَع بين متفرِّق" الحديث، وفي عدم الوجوب تفريق المجتمع، وعندنا لا تجب، وإلا لوجبت على كل واحد فيما دون النصاب، لنا هذا الحديث، ففي الوجوب الجمع بين الأملاك المتفرقة إذ المراد الجمع والتفريق في الأملاك لا الأمكنة، ألا ترى أن النصاب المفرّق في أمكنة مع وحدة الملك تجب فيه؟ فمعنى "لا يفرّق بين مجتمع" أنه لا يفرّق الساعي بين الثمانين مثلًا أو المائة والعشرين ليجعلها نصابين أو ثلاثة، "ولا يجمع بين متفرق" أنه لا يجمع مثلًا بين الأربعين المتفرقة بالملك بأن تكون مشتركة ليجعلها نصابًا، والحال أنه لكل عشرين، انتهى.