= (٩/ ٢٤): فإن قلت: قال تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]، والخطاب للمحصَرين، ومقتضاه أن الحلق لا يقدّم على النحر في مَحِلِّه؟ قلت: بلوغ الهدي المَحِلَّ زمانًا أو مكانًا لا يستلزم نحره، ومَحِلّ هدي المحصَر هو حيث أُحصر، فقد بلغ مَحِلَّه، وثبت (١) أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحلل بالحديبية ونحر بها وهي من الحل لا من الحرم، انتهى.
قال العيني: مذهب أبي حنيفة أن دم الإحصار يتوقف بالحرم وهو المكان، لا بيوم النحر وهو الزمان، لإطلاق النصّ، وعند أبي يوسف ومحمد يتوقف بالزمان والمكان كما في الحلق، وهذا الخلاف في المحصَر بالحج، وأما دم المحصر بالعمرة فلا يتوقف بالزمان بلا خلاف بينهم، وبالهدي لا يتحلل المحصر عند أبي يوسف، ولا بد له من الحلق بعد النحر؛ لأنه إن عجز عن أداء المناسك لم يعجز عن الحلق، وقال أبو حنيفة ومحمد: يتحلل بالذبح لإطلاق النصّ، قاله العيني (٧/ ٤٥٦). ذبحه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديبية أكثرها في الحرم، كذا ذكره الشيخ في "اللمعات" نقلًا عن "المواهب اللدنية"(٣/ ٢٢٧) وسيجيء.
(١)"محمد بن عبد الرحيم" المعروف بصاعقه.
(٢)"أبو بدر شجاع بن الوليد" ابن قيس الكوفي.
(٣)"عمر" هو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.