(٢) قوله: (لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلأ) واختلفوا في أن هذا النهي للتحريم أو التنزيه؟ قال في "التوضيح" (١٥/ ٣٢٠): النهي فيه على التحريم عند مالك والأوزاعي، ونقله الخطابي وابن التين عن الشافعي، واستحبّه بعضهم وحمله على الندب، والأصحّ عندنا أنه يجب بذله للماشية لا للزرع، ذكره العيني (٩/ ٥٧)، وقال: كذلك مذهب الحنفية الاختصاص بالماشية، انتهى.
وقال في "الهداية" (٢/ ٤٥): لا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها، والمراد الكلأ، لقوله عليه السلام: "الناس شركاء في الثلاث: النار، والكلأ، والماء" [أخرجه أبو داود (ح: ٣٤٧٧)]، قال الطحاوي وغيره: يعني إذا أوقد نارًا فلكل أحد أن يصطلي بها وأن يُجَفِّفَ ثيابه، وليس له أن يأخذ الجمر إلا بإذن، هذا معنى الشركة في النار، ومعناها في الماء: الشرب وسقي الدوابِّ والاستسقاء من الآبار والحياض والأنهار المملوكة، ومعناها في الكلأ: أن له احتشاشه وإن كان في أرض مملوكة، ومحل ما ذكر إن لم يُحْرِز الماءَ بالاستسقاء في آنية، ولم يحرز الكلأ بقطعه، أما إذا أَحْرَزَها جاز بيعهما لأنه بالإحراز ملكهما، ومحلّه أيضًا فيما إذا نبتت بنفسه، فأما إذا كان سقى الأرض وأعدّها للإنبات فنبت فإنه يجوز بيعه، لأنه ملكه، كما في "الذخيرة" و"المحيط" و"النوازل"، وهو مختار الصدر الشهيد، وعليه الأكثرون، ومنع القدوري بيعه، انتهى. كذا في "فتح القدير" (٦/ ٤١٨).
وقال فيه: قال القدوري: لا يجوز بيع الكلأ في أرضه وإن ساق الماء إلى أرضه ولحقته مؤونة؛ لأن الشركة فيه ثابتة، وإنما تنقطع بالحيازة، وسوق الماء إلى أرضه ليس بحيازة، والأكثر على الأول، ثم الكلأ