يا أنس كتاب الله القصاص … " الحديث، فثبت بهذا أن الذي يجب بكتاب الله وسنة رسوله في العمد هو القصاص، لأنه لو كان للمجنيِّ عليه الخيار بين القصاص وبين أخْذِ الدية إذاً لَخَيَّرَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وَلَمَا حكم لها بالقصاص بعينه، فإذا كان كذلك وجب حمل قوله:"فهو بخير النظرين … " إلخ، على أخذ الدية برضى القاتل حتى تتفق معاني الآثار، "ع"(٩/ ١٧١ - ١٧٢).
(١) قوله: (إلا الإذخر) يجوز فيه الرفع على أنه بدل مما قبله، ويجوز النصب لكونه استثناء وقع بعد النهي، وقال ابن مالك: والمختار النصب لكون الاستثناء وقع متراخيًا عن المستثنى منه، فَبَعُدَتِ المشاكلة بالبدليّة، وهو الاستثناء التلقيني، والاستثناء التلقيني هو أن العباس لم يُرِدْ به أن يستثني هو بنفسه، وإنما أراد به أن يلقِّن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بالاستثناء، واستدلّ به بعضهم على جواز الفصل بين المستثنى والمستثنى منه، ومذهب الجمهور اشتراط الاتصال إما لفظًا وإما حكمًا، كجواز الفصل بالتنفس مثلًا، وترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- كان تبليغًا عن الله تعالى إما بطريق الإلهام أو بطريق الوحي، ومن ادّعى أن نزول الوحي يحتاج إلى أمد متَّسع فقد وَهِمَ، ملتقط من "العيني"(٧/ ٥١٧)، وقد مرّ الحديث مع بعض بيانه (برقم: ١١٢) في "كتاب العلم".