(١) قوله: (لبن الدَّرِّ) أي: ذات الضرع، ذهب الأكثرون إلى أن منفعة الرهن للراهن ونفقته [عليه]؛ لأن الغنم بالغرم، بدليل أنه لو كان عبدًا فمات كان كفنه عليه، ولأنه روى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يغلق الرهن صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه"، وقال أحمد وإسحاق: للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما، يقدر بقدر النفقة، واحتجّا بهذا الحديث.
وأجيب عن ذلك بأنه منسوخ بآية الربا، فإنه يؤدي إلى انتفاع المرتهن بمنافع المرهون بدينه، وكل قرضٍ جَرَّ نفعًا فهو ربًا، والأولى أن يجاب بأن الباء في "بنفقته" ليست للبدلية بل للمعيّة، والمعنى أن الظهر يُرْكَب ويُنْفَق عليه، فلا يمنع الرهن الراهن من الانتفاع بالمرهون، ولا يسقط عنه الإنفاق، كما صرّح به في الحديث الآخر، هذا ما قاله الطيبي (٦/ ٩٧)، وكذا قاله الكرماني (١١/ ٧١)، ثم قال: والحق أن الحديث مجمل متناوِلٌ لكل من الراهن والمرتهن فلا يُحْمَل على أحدهما إلا بدليل، انتهى.
وقال الشيخ في "اللمعات": وهذا الحديث يدلّ على أن للمرتهن أن ينتفع بالرهن وينفق عليه، والجمهور على خلافه، وفي "الهداية" (٢/ ٤١٥ - ٤١٦): وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن، ونفقة الرهن على الراهن، وقالوا: هذا الحديث منسوخ بالحديث الآتي، وهو حديث مرّ في عبارة الطيبي.