للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في كلامه المجيد ليكونوا مؤمنين صادقين، قال الله تعالى عن كلام رسوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (١)، فكان كلامه بذلك وحيًا إلهيًّا يُتَّبَعُ ويُهتَدى به، وإنه لا يُتلى كما يُتلى الوحي القرآني لأنه ليس كلامًا مباشرًا لرب العالمين، ولكنه مأمور به من رب العالمين، فنحن مأمورون باتباعه مثل الوحي المتلوّ الذي يشتمل عليه القرآن الكريم، فكان حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك مصدرًا للدين والشريعة أيضًا مع كلام الله المجيد.

أما أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي أيضًا مثل أقواله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (٢)، وبذلك يصبح كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتقريره مصدرًا أساسيًّا أيضًا مع المصدر الأساسي الأول، وهو القرآن الكريم حاملًا للدين الإسلامي المَتين الذي أكمله الله على خاتم رسله محمد بن عبد الله النبيِّ الأُمِّي - صلى الله عليه وسلم -، وأتمّ عليه نعمته بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٣)، فوجب بذلك الاعتناء بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - المشتمل على قوله وفعله وتقريره، بالإضافة إلى الاهتداء بكلام الله الكريم واتباعه.

وقد أدّى علماء الدين الإسلامي حق هذا الاعتناء في مجال الحديث النبوي الشريف بطلبه وروايته مع تحقيق الصحّة في رواته بالفَحْص عن أحوالهم في صدقهم ودقّة نقلهم له، وقد جاءوا في هذه الدقّة والأمانة


(١) سورة النجم: ٣، ٤.
(٢) سورة الأحزاب: ٢١.
(٣) سورة المائدة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>