فِي الصُّبْحِ (١) بِقُبَاءٍ جَاءَهُمْ رَجُلٌ (٢) فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ (٣)، وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، أَلَا فَاسْتَقْبِلُوهَا (٤). وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّامِ (٥) فَاسْتَدَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الْكَعْبَةِ. [راجع: ٤٠٣، أخرجه: م ٥٢٦، تحفة: ٧١٨٢].
===
(١) أي: صلاة الصبح، "قس"(١٠/ ٣٣).
(٢) اسمه عباد بن بشر، "قس"(١٠/ ٣٣)، قيل: إنه عبد الله أو عباد، "ك"(١٧/ ١٤).
(٣) قوله: (قد أُنْزِل عليه الليلةَ قرآنٌ) بالتنكير لأن المراد البعض، أي: قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} الآيات فما بعدها، وأطلق الليلة على بعض اليوم الماضي وما يليه مجازًا، قاله القسطلاني (١٠/ ٣٣). قال في "الخير الجاري": ومطابقة الحديث بالكريمة من جهة أنه عُلِمَ من مفهومه اتباع المؤمنين بمجرد خبر واحد على خلاف حال أهل الكتاب حيث لم يتبعوه - صلى الله عليه وسلم - ولو أوتي لهم بكل آية. والمطابقة للترجمة أشكل على بعضهم حتى قال العيني (١٢/ ٤٣٣): إنها لا تتأتى إلا بتعسف. ويمكن أن يقال: إن مقصود البخاري أن الحكمَ لعدم اتباعٍ المفهومَ من الكريمة ليس بعام يشمل جميع أهل الكتاب، فإن بعضًا منهم كعبد الله بن سلام كان يقول: أشكّ في ابني، ولا أشك في النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أشير في النظم إلى التخصيص المذكور بقوله:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ}[البقرة: ١٤٦] فذكر حديث ابن عمر في البابين، ذكر أولًا لأجل التخصيص، وذكر ثانيًا لأجل التنصيص في المؤمنين سواء كانوا من أهل الكتاب أو من غيرهم، فإن المؤمنين من الفريقين حالهم واحد في المسارعة إلى التلقي والقبول من غير لبث، ففيه بيان لمقصود الكريمة وتوفيقها، انتهى.