للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا (١) فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ (٢) وَأَنْ تَصُومُوا (٣) خَيْرٌ

"{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا. . .} إلخ" في نـ بدله: "إلى قوله: {تَعْلَمُونَ} ".

===

الآية بتقدير: لا، أي: وعلى الذين لا يطيقونه فدية، وهو أيضًا بعيد فإنه ضدّ ما هو ظاهر العبارة حيث يجعل الإيجاب سلبًا.

فإن قيل: مذهب أبي حنيفة وأحمد والأصح من مذهب الشافعي: أن الواجب على الشيخ الفاني الفديةُ مكان الصوم، ومبنى هذه الأقوال ليس إلا هذه الآية؟ قلت: حكم الآية كان في ابتداء الإسلام التخيير بين الصوم والفدية للذين يطيقون الصومَ بعبارة النص، وللذين لا يطيقونه بدلالة النص بالطريق الأولى؛ لأنه تعالى لما خَيَّر المطيقين فضلًا وتيسيرًا فغير المطيقين أولى بالتخيير، ثم لما نزل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ} الآية [البقرة: ١٨٥] نسخ حكم الفدية في حق الذين كانوا يطيقونه حالًا وفي الذين يطيقونه مآلًا، وهم المرضى والمسافرون الذين يرجون القضاء بعد الشفاء، وصار أداءُ الصوم أو قضاؤه حتمًا في حقهم، وبقي حكم من لا يطيقونه لا في الحال ولا في المآل على ما كان عليه من جواز الفدية ثابتًا بدلالته لعدم دخولهم في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} صحيحًا مقيمًا {فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} يرجو الشفاء {أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فإن من لا يرجو الشفاء تكليفه بالقضاء تكليف بما لا يطيق، ومنسوخية الحكم الثابت بعبارة النص لا يستدعي منسوخية الحكم الثابت بدلالة النص، والله أعلم، انتهى مختصرًا.

(١) فزاد في الفدية، "مظهري" (١/ ١٩٣).

(٢) أي: من أصل الفدية، "مظهري" (١/ ١٩٣).

(٣) أيها المطيقون، "مظهري" (١/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>