(١) قوله: ({وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا}) أي: حضر للوقت الذي عَيَّنَّاه له، واللام للاختصاص. قوله:" {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} " أي: من غير واسطة على جبل الطور مغايرًا لهذه الحروف والأصوات، وكما ثبتت رؤية ذاته جَلَّ وعلا، مع أنه ليس بجسم ولا عرض، فكذلك كلامه وإن لم يكن صوتًا ولا حرفًا صَحّ أن يُسمع. وفيما روي أن موسى - عليه السلام - كان يسمع كلامَ الله من كل جهة: تنبيه على أن سماعَ كلامه القديم ليس من جنس سماع كلام المحدثين. وجواب "لما" في قوله تعالى: " {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} " أي: أرني نفسَكَ أنظر إليك، قال تعالى جوابًا:" {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} " الذي هو أشد منك خلقًا، والجبل قيل: جبل زبير. " {فَإِنِ اسْتَقَرَّ} " أي: ثبت الجبل " {مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} " فيه إشارة إلى عدم قدرته على الرؤية. قوله:" {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} " أي: ظهرت عظمته له وتصدى له اقتداره وأمره. وقيل: أعطى له حياة ورؤية حتى رآه. قوله:" {جَعَلَهُ دَكًّا} " أي: مدكوكًا مُفَتَّتًا، وقرأ حمزة والكسائي {دَكَّاءَ} أي: أرضًا مستوية. وعن ابن عباس: صار ترابًا. قوله:" {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} "[مغشيًا] عليه من شدة هول ما رأى. " {فَلَمَّا أَفَاقَ} " أي: من الغشي. " {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} " أي: أنزهك وأتوب إليك من الجرأة والإقدام على السؤال بغير الإذن أو من طلب الرؤية في الدنيا، وسقط لأبي ذر {قَالَ لَنْ تَرَانِي. . .}. إلخ" وقال بعد قوله: "{أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}": "الآية". هذا كله ملتقط من "قس" (١٠/ ٢٥٣، ٢٥٥) و"بيضاوي" (١/ ٣٨٥، ٣٥٩).