فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ (١)، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ (٢) " قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ (٣)، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْخَبَرَ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي (٤)؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي
"وَغَضِبَ" في نـ: "فَغَضِبَ". "تَارِكُو لِي" في ذ: "تَارِكُونَ لِي" وكذا في الموضع الثاني الآتي.
===
(١) غاية لسؤال أبي بكر عمر.
(٢) قوله: (غامر) أي: خاصم، وقال المؤلف: "غامر: سابق بالخير"، كذا في "الخير الجاري" (٢/ ٣٩٥). قال الكرماني (١٧/ ١١٧): "غامر" بالمعجمة أي: سبق بالخير، أو وقع في أمر، أو زاحم وخاصم، انتهى. وفي "مناقب أبي بكر": "أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما صاحبكم فقد غامر. . ." الحديث. ومرَّ بيانه (برقم: ٣٦٦١).
(٣) أي: من عدم استغفاره لأبي بكر، "قس" (١٠/ ٢٥٩).
(٤) قوله: (تاركو لي صاحبي) بغير نون مضافًا لصاحبي مع الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وذلك جائز، كذا في "القسطلاني" (١٠/ ٢٩٥) و"الكرماني" (١٧/ ١١٨).