للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَجُلٌ (١): أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، فَقَالَ سهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ (٢): اتَّهِمُوا (٣) أَنْفُسَكمْ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ

===

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: ٢٣]، وغرضه أن اللَّه تعالى قال في كتابه: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: ٩] فهم يدعون إلى القتال، وهم لا يقاتلون، كذا في "الكرماني" (١٨/ ٩٩) و"الخير الجاري". قوله: "فقال علي: نعم" أي: أنا أولى بالإجابة إذا دعيتُ إلى العمل بكتاب اللَّه. وقيل: كان هذا في وقت التحكيم وكراهية بعض الناس ذلك، وفهم من كتاب اللَّه بعض الشراح أن سهلًا أيضًا كان من الذين كرهوا التحكيم، وهو بعيد من سياق الحديث، نعم الرجل المذكور ومن معه كرهوا التحكيم؛ لأن كتاب اللَّه يأمر بالقتال مع البغاة بقوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩]، ولعل عليًّا أشار إلى أن التحكيم أيضًا مأخوذ من كتاب اللَّه بحسب ما أدى إليه اجتهادي، "الخير الجاري".

(١) هو عبد اللَّه بن الكوّاء، "قس" (١١/ ٨٨).

(٢) قوله: (سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم) فإني لا أقصر وما كنت مقصرًا وقت الحاجة كما في يوم الحديبية، فإني رأيت نفسي يومئذ بحيث لو قدرت مخالفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقاتلت قتالًا عظيمًا، لكن اليوم لا نرى المصلحة في القتال، بل التوقف [أولى] لمصلحة المسلمين، وأما الإنكار على التحكيم إذ ليس ذلك في كتاب اللَّه، فقال علي -رضي اللَّه عنه-: نعم، لكن المنكرين هم الذين عدلوا عن كتاب اللَّه؛ لأن المجتهد لما أدى ظنه إلى جواز التحكيم فهو حكم اللَّه، وقال سهل: اتهمتم أنفسكم في الإنكار لأنا أيضًا كنا كارهين لترك القتال يوم الحديبية، وقهرنا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الصلح، وقد أعقب خيرًا عظيمًا، "كرماني" (١٨/ ٩٩ - ١٠٠) ومرَّ (برقم: ٤١٨٩).

(٣) أي: في هذا الرأي، وإنما قال ذلك لأن كثيرًا منهم أنكروا

<<  <  ج: ص:  >  >>