للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ففي الرَّبْع والخادم والفرس". واختلف العلماء في هذا الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وإن الدار قد يجعل اللَّه تعالى سكناها سببًا للضرر والهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء اللَّه، ومعناه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة كما صرح به في رواية: "إن يكن الشؤم في شيء وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي: الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة، وقال آخرون: شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم، وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وقيل: حرانها وغلاء ثمنها، وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فُوِّضَ إليه، وقيل: المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة، واعترض بعض الملاحدة بحديث: "لا طيرة" على هذا، فأجاب ابن قتيبة وغيره: بأن هذا مخصوص من حديث: لا طيرة أي: لا طيرة إلا في هذه الثلاثة، قال القاضي: قال بعض العلماء: الجامع لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام: أحدها: ما لم يقع به الضرر، ولا اطردت به عادة خاصة ولا عامة، فهذا لا يلتفت إليه، وأنكر الشرع الالتفات إليه وهو الطيرة. والثاني: ما يقع عنده الضرر عمومًا لا يخصه ونادرًا لا يتكرر كالوباء فلا يقدم عليه ولا يخرج منه. والثالث: ما يخص ولا يعم كالدار والفرس والمرأة، فهذا يباح الفرار منه، واللَّه أعلم، انتهى كلام النووي في "شرح مسلم" (٧/ ٤٨١) بعينه.

وذكر "القسطلاني" (٦/ ٣٨٩) في "الجهاد" نقلًا عن "الطيبي" (٨/ ٣٢١): ويحتمل أن يكون معنى الاستثناء على حقيقته، وتكون هذه الثلاثة [خارجة] عن حكم المستثنى منه، أي: الشؤم ليس في شيء من الأشياء إلا في هذه الثلاثة، قال: ويحتمل أن ينزل على قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو كان شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>