للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبَقِيَ نَفَرٌ (١) يَتَحَدَّثُونَ، قَالَ: وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ (٢)، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحْوَ

===

هذا الحديث من أن الوليمة بزينب بنت جحش كانت من الحيس الذي أهدته أم سليم، وأن المشهور من الروايات أنه أولم عليها بالخبز واللحم، ولم يقع في القصة تكثير ذلك الطعام وإنما فيه: "أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا". وذكر في حديث الباب أن أنسًا قال: "فقال لي: ادْعُ لي رجالًا سماهم، وادع من لقيت، وأنه أدخلهم ووضع -صلى اللَّه عليه وسلم- يده على تلك الحيسة وتكلم بما شاء اللَّه، ثم جعل يدعو عشرة عشرة حتى تصدعوا كلهم عنها"، قال عياض ["الإكمال" (٤/ ٦٠٢)]: هذا وهم من راويه وتركيب قصة على أخرى، وتعقبه القرطبي ["المفهم" (٤/ ١٥١، ١٥٢)]: بأنه لا مانع من الجمع بين الروايتين، والأولى أن يقال: لا وهم في ذلك، فلعل الذين دعوا إلى الخبز واللحم فأكلوا حتى شبعوا وذهبوا لم يرجعوا، ولما بقي النفر الذين كانوا يتحدثون جاء أنس بالحيسة فأمر بأن يدعو ناسًا آخرين ومن لقي فدخلوا فأكلوا أيضا حتى شبعوا، واستمرَّ أولئك النفر يتحدثون، وهو جمع لا بأس به، وأولى منه أن يقال: إن حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم فأكلوا كلهم من كل ذلك، وعجبت من إنكار عياض وقوع تكثير الطعام في قصة الخبز واللحم مع أن أنسا يقول: إنه أولم عليها بشاة كما سيأتي قريبًا، ويقول: إنه أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا، وما الذي يكون قدر الشاة حتى يشبع المسلمين جميعا وهم يومئذ نحو الألف لولا البركة التي حصلت من جملة آياته -صلى اللَّه عليه وسلم- في تكثير الطعام. قوله: "وجعلت أغتم" هو من الغم، وسببه ما فهمه من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من حيائه من أن يأمرهم بالقيام ومن غفلتهم بالتحدث عن العمل بما يليق من التخفيف حينئذ، انتهى كلام "الفتح" بعبارته.

(١) ثلاثة رجال، "قس" (١١/ ٥٠٩).

(٢) من الاغتمام أي: حزن من عدم خروجهم، "ك" (١٩/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>