للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا (١). فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ (٢) (٣) سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ. [راجع: ٤٢٣].

"صلى اللَّه عليه وسلم" في نـ: "عليه السلام". "فَكَانَتْ سُنَّةَ" في نـ: "وَكَانَتْ سُنَّةَ".

===

(١) قوله: (كذبتُ عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتُها) هذا كلام مستقل توطئة لتطليقها ثلاثًا، يعني: إن أمسكت هذه المرأة في نكاحي ولم أطلّقها يلزم كأني كذبت فيما قذفتها؛ لأن الإمساك ينافي كونَها زانية، فلو أمسكتُ فكأني قلت: هي عفيفة لم تَزْنِ. "فطلقها ثلاثًا" لقوله: إنه لا يمسكها، وإنما طلقها لأنه ظن أن اللعان لا يحرمها عليه ولم يقع التفريق من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا، فهذا يؤيد أن الفرقة باللعان لا يحصل إلا بقضاء القاضي بها بعد التلاعن، كما مضى في الحديث الذي قبل البابين، وهو مذهب أبي حنيفة، واحتج غيره بأنه لا يفتقر إلى قضاء القاضي بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا سبيل لك عليها". قلت: يمكن أن يكون هذا من قضاء القاضي؛ هذا ملتقط من "اللمعات"، و"المرقاة" (٦/ ٤٥٨).

قال في "الهداية" (١/ ٢٧١): وتكون الفرقة تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن فعل القاضي انتسب إليه كما في العنين، وهو خاطب إذا أكذب نفسه عندهما، وقال أبو يوسف: هو تحريم مؤبدًا لقوله عليه الصلاة والسلام: "المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا" نصّ على التأبيد. ولهما أن الإكذاب رجوع والشهادة بعد الرجوع لا حكم لها، ولا يجتمعان ما داما متلاعنين، ولم يبق التلاعن ولا حكمه بعد الإكذاب فيجتمعان، انتهى. مرَّ الحديث (برقم: ٤٧٤٧) في "التفسير".

(٢) أي: التفرقة بينهما، "ك" (١٩/ ٢٢٢).

(٣) زاد أبو داود (ح: ٢٢٤٥) عن القعنبي عن مالك: "فكانت تلك"، وهي إشارة إلى الفرقة، "ف" (٩/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>