(٢) قوله: (لا محالة) بفتح الميم، أي: لا حيلة له في التخلص من إدراك ما كتب عليه، ولا بد من ذلك، قوله: "فزنا العين النظر … " إلخ، يعني: فيما زاد على النظرة الأولى التي لا يملكها، فالمراد النظر على سبيل اللذة والشهوة، وكذلك زنا اللسان النطق فيما يلتذ به من محادثة ما لا يحل له ذلك منه، وزنا النفس تمنَّى ذلك وتشتهيه، فهذا كله يسمى زنًا؛ لأنه من دواعي زنا الفرج، وقال المهلب: كل ما كتبه اللّه على ابن آدم فهو سابق في علم اللّه لا بد أن يدركه المكتوب، وأن الإنسان لا يملك دفع ذلك عن نفسه، غير أن اللّه تعالى تفضل على عباده وجعل ذلك لممًا وصغائر لا يطالب بها عباده إذا لم يكن للفرج تصديق لها، فإذا صدقها الفرج كان ذلك من الكبائر، "ع" (١٥/ ٣٦٥)، "ك" (٢٢/ ٨٤ - ٨٥).
فإن قلت: التصديق والتكذيب من صفات الأخبار فما معناهما هاهنا؟ قلت: لما كان التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع، والتكذيب الحكم بعدمها، فكأنه هو الموقع والرافع فهو تشبيه، أو: لما كان الإيقاع مستلزمًا للحكم بها عادة فهو كناية، "ك". واستدل به من قال: إنه إذا قال الرجل: زنت يدك أو رجلك؟ لا يكون قذفًا، فلا حدَّ، "قس" (١٣/ ٢٨٨). [وفي: "اللامع" (١٥/ ٦٢): أن الفرج إن كان يتأثر بالقبلة واللمس ونحوهما فتكون هذه الأمور في حكم الزنا، وإلَّا فلا].