للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ محيي الدين: ليس مقصود البُخاري الاقتصار على الأحاديث فقط، بل مراده الاستنباط منها والاستدلال لأبواب أرادها، ولهذا المعنى أخلى كثيرًا من الأبواب عن إسناد الحديث، واقتصر فيه على قوله: "فيه فلان عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -" أو نحو ذلك.

وقد يذكرُ المتن بغير إسناد، وقد يورده مُعلَّقًا، وإنما يفعل هذا لأنه أراد الاحتجاج للمسألة التي ترجم لها، وأشار إلى الحديث لكونه معلومًا، وقد يكون مما تقدم وربما تقدم قريبًا، ويقع في كثير من أبوابه الأحاديث الكثيرة، وفي بعضها ما فيه إلَّا حديث واحد، وفي بعضها ما فيه إِلَّا آية من كتاب اللّه تعالى، وفي بعضها لا شيء فيه البتة، وقد ادَّعى بعضهم أنه صنع ذلك عمدًا، وغرضه أن يبيّن أنه لم يثبت عنده حديث بشرطه في المعنى الذي ترجم عليه.

ومن ثمّة وقع في بعض نُسَخ الكتاب ضَمُّ باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب، فأشكل فهمه على الناظر فيه، وقد أوضح السبب في ذلك الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في مقدمة كتابه في "أسماء رجال البخاري" (١)، فقال: أخبرني الحافظ أبو ذر عبد بن أحمد الهروي قال: ثنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي قال: انتسخت كتاب البُخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفِربري، فرأيت فيه أشياء لم تتم، وأشياء مبيّضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئًا، ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضَفْنَا بعض ذلك إلى بعض.


(١) وسمَّاه الكرماني في أول شرحه: "كتاب التعديل والتجريح لرجال البخاري" (١/ ٣١٠). وقد طبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>