قوله:{لقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}[الأنعام: ٥٦] قال الكرماني: غرض عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قراءة هذه الآية أنه لو قال بحرمان بنت الابن لكان ضالًّا. قلت: الحاصل في ذلك أن قول ابن مسعود رضي الله عنه هذا جواب عن قول أبي موسى: إنه سيتابعني.
وأشار إلى أنه لو تابعه لخالف صريح السُّنَّة التي عنده، وأنه لو خالفها عامدًا لضلّ. قوله:"فأتينا أبا موسى" فيه إشعار بأن هزيلًا الراوي المذكور توجه مع السائل المذكور إلى ابن مسعود فسمع جوابه، فعاد إلى أبي موسى معهم فأخبروه، ولذلك ذكر المزي في "الأطراف" هذا الحديث من رواية هزيل عن ابن مسعود. قوله:"ما دام هذا الحبر" بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة وبالراء، أراد به ابن مسعود رضي الله عنه، والحبر هو الذي يحسن الكلام ويزيّنه، وذكر الجوهري الحبر بالفتح والكسر فرجح الكسر، وجزم الفراء بأنه بالكسر وقال: سمي بالحبر الذي يكتب به، قلت: هو بالفتح في رواية جميع المحدثين، وأنكر أبو الهيثم الكسر. وفيه: أن الحجة عند المتنازع سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجب الرجوع إليها.
وفيه: بيان ما كانوا عليه من الإنصاف والاعتراف بالحق والرجوع إليه وشهادة بعضهم لبعض بالعلم، ولا خلاف بين العلماء فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه. وفي جواب أبي موسى رضي الله عنه إشعار بأنه رجع عما قاله، "ع"(١٧/ ١٦ - ١٨)، "ف"(١٢/ ١٧).