للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ مَعْمَر، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَقْبَلُ اللهُ (١) صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى تتَوَضَّأ". [راجع: ١٣٥].

===

(١) قوله: (لا يقبل الله … ) الحديث. قال الكرماني (٢٤/ ٧٤): فإن قلت: ما وجه تعلق الحديث بالكتاب؟ قلت: قالوا: مقصود البخاري الرد على الحنفية حيث صححوا صلاة من أحدث في الجلسة الأخيرة، فقالوا: التحلل يحصل بكل ما يضاد الصلاة، فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث، ووجه الرد أنه محدث في صلاته فلا تصح؛ لأن التحلل منها ركن فيها لحديث: "وتحليلها التسليم"، كما أن التحريم بالتكبير ركن منها، وحيث قالوا: المحدث في الصلاة يتوضأ ويبني، وحيث حكموا بصحتها عند عدم النية في الوضوء بعلة أنه ليس بعبادة، انتهى.

وقال ابن المنير: أشار البخاري بهذه الترجمة إلى رد قول من قال بصحة صلاة من أحدث عمدًا في أثناء الجلوس الأخير، ويكون حدثه كسلامه بأن ذلك من الحيل لتصحيح الصلاة مع الحدث، انتهى. وقال ابن بطال: فيه رد على من قال: إن من أحدث في القعدة الأخيرة أن صلاته صحيحة، وقيل: التحريم يقابله التسليم لحديث: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم"، فإذا كان أحد الطرفين ركنًا كان الطرف الآخر ركنًا.

قلت: لا مطابقة بين الحديث والترجمة أصلًا فإنه لا يدل على شيء من الحيل، وقول الكرماني: فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث، كلام مردود غير مقبول أصلًا؛ لأن الحنفية ما صححوا صلاة من أحدث في القعدة الأخيرة بالحيلة، وما للحيلة دخل أصلًا في هذا، بل حكموا بذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك". رواه أبو داود في "سننه" (ح: ٢٧) ولفظه: "إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد". ورواه أحمد في "مسنده" وابن حبان في "صحيحه". وهذا ينافي فرضية السلام، وهو حجة على الشافعي رحمه الله تعالى في قوله: السلام فرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>