جَارِيَةُ غَيْرِهِ. قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَمْوَالُكُمْ عَلَيكُمْ حَرَامٌ (١) "، "وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ (٢) يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
===
منه ظاهر ليكون بمنزلة الإبراء عن الجارية، وأما الخبث ففي طريقته بالقيمة، وهو شيء آخر، ولهذا يطيب التصرف في القيمة للمغصوب منه، فكما يتصرف هو في القيمة بعد الرضاء بها، كذلك الغاصب، وإلا يلزم ثبوت ملك المغصوب منه في البدل والمبدل منه بعد الرضاء، وعدم ثبوت ملك الغاصب في شيء منهما بعد ما كان كل من الغاصب والمغصوب منه مالكًا لواحد واحد منهما. وبالجملة: إن غصب مال الغير بدون رضاه شر محض، وأما الحيلة فنوعان مختلفان، فإنه فرق بين الحيلة لدفع الشر وبين الحيلة للشر، فالأولى نظير التورية، والثانية نظير الخداع، واعلم أنه قال أكثر علماء الحنفية: الواجب على الغاصب ردُّ العين ما دام قائمًا، وهو الموجب الأصلي، ورد القيمة مخلص خلفًا، "خ".
(١) قوله: (أموالكم عليكم حرام، ولكل غادر لواء يوم القيامة) هذان طرفان (١) للحديثين ذكرهما في معرض الاحتجاج لما ذكره، وليس فيهما ما يدل على دعواه، أما الأول: فمعناه: أن أموالكم عليكم حرام إذا لم يوجد التراضي، وها هنا قد وجد التراضي بدفع الغاصب القيمة، وأما الثاني: فلا يقال للغاصب في اللغة: إنه غادر؛ لأن الغدر ترك الوفاء، والغصب هو أخذ شيء قهرًا وعدوانًا. وقول الغاصب: إنها ماتت، كذب، وأخذ المالك القيمة رضاءً، وقال الكرماني: في قوله: أموالكم عليكم: مقابلة الجمع بالجمع، وهو مفيد للتوزيع، فيلزم أن يكون مال كل شخص حرامًا عليه، وأجاب بأن هذا مثل قولهم: بنو تميم قتلوا أنفسهم أي: قتل بعضهم بعضًا، فهو مجاز أو إضمار فيه للقرينة الصارفة عن ظاهرها كما علم من القواعد الشرعية، "ع"(١٦/ ٢٤٧).