للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى مَكُثَ عِنْدَهُ سِنِينَ، وَاحْتَالَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا: فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

===

الموانع، وهي المذكورة في موضعها، واستدل في جواز الرجوع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها" - أي: لم يعوض، "خ" -، رواه أبو هريرة وابن عباس. وأما حديث ابن عمر فأخرجه الحاكم من حديث سالم بن عبد الله يحدث عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها" وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فكيف يحل أن يقال في حق هذا الإمام الذي علمه وزهده لا يحيط بهما الواصفون: إنه خالف الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وكيف خالفه؟ وقد احتج بأحاديث هؤلاء الثلاثة من الصحابة الكبار؟ وأما الحديث الذي احتج به مخالفوه وهو ما رواه الشيخان الذي يأتي الآن، الذي رواه أيضًا الجماعة [غير الترمذي] عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" فلم ينكره أبو حنيفة بل عمل بالحديثين، فعمل بالحديث الأول في جواز الرجوع، وبالثاني في كراهته واستقباحه، لا في حرمة الرجوع كما زعموا، وقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - رجوعه بعود الكلب في قيئه، وفعل الكلب يوصف بالقبح لا بالحرمة، وهو يقول بأنه مستقبح! ولقائل أن يقول للقائل الذي قال: إن أبا حنيفة خالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت أيضًا خالفت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث - الذي يحتج به أبو حنيفة رحمه الله، كذا يفهم من "خ" - الذي يحتج به على عدم الرجوع لأن هذا الحديث يعم عدم الرجوع مطلقًا، سواء كان الذي يرجع منه أجنبيًا أو والدًا، "ع" (١٦/ ٢٥٥). وما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، فلا ينافي مذهب أبي حنفية؛ لأن الرجوع فيها مكروه عنده، والحلال غير المكروه، "خ".

<<  <  ج: ص:  >  >>