للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولم يذكر في الحديث عمود فسطاط ولا وسادة فقال: الذي يقع في نفسي أنه رأى في بعض طرق الحديث "السرقة" شيئًا أكمل مما ذكره في كتابه، إذ فيه أن السرقة مضروبة [في الأرض] على عمود كالخباء، وأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما اقتلعها من عمودها فوضعها تحت وسادته، وقام هو بالسرقة فأمسكها، وهي كالهودج من إستبرق، فلا يريد موضعًا من الجنة إلا طارت به إليه، ولم يرض بسند هذه الزياد، فلم يدخله في كتابه. وقد فعل مثل هذا في كتابه كثيرًا. كما يترجم بالشيء، ولم يذكره، ويشير إلى أنه روي في بعض طرقه، وإنما لم يذكره للين في سنده، وأعجلته المنية عن تهذيب كتابه، انتهى.

وقد نقل كلام المهلب جماعة من الشراح ساكتين عليه، وعليه مأخذ إدخال حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في هذا الباب، وليس منه بل له باب مستقل أشدها تفسيره السرقة بالكلة فإني لم أره لغيره. قال أبو عبيدة: السرقة قطعة من حرير كأنها فارسية، وقال الفارابي: شقة (١) من حرير، وفي "النهاية": قطعة من جيد الحرير، وزاد بعضهم بيضاء، ويكفي في رد تفسيرها بالكلة أو بالهودج. قوله في نفس الخبر: "رأيت كأن بيدي قطعة إستبرق"، وتخيله أن في حديث ابن عمر الزيادة المذكورة لا أصل له، فجميع ما رتبه عليه كذلك.

والمعتمد أن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث جاء من طريق: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه عمود الكتاب، انتزع من تحت رأسه"، الحديث. وأشهر طرقه: ما أخرجه يعقوب بن سفيان والطبراني، وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب، احْتُمِلَ من تحت رأسي، فأتبعته بصري فإذا هو قد عُهد به إلى الشام، ألا فإن الإيمان - حين تقع الفتن -


(١) في الأصل: "قطعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>