للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إِذَا تَوَاجَهَ (١) الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ".

"مِنْ أَهْلِ النَّارِ" في هـ، ذ: "في النَّارِ".

===

(١) قوله: (إذا تواجه) أي: ضرب كل واحد منهما وجه الآخر أي: ذاته. و"أهل النار" أي: مستحق لها وقد يعفو اللّه عنه. فإن قلت: علي ومعاوية كلاهما كانا مجتهدين (١)، غاية ما في الباب أن معاوية كان مخطئًا في اجتهاده وله أجر واحد، وقد كان لعلي أجران. قلت: المراد بما في الحديث: المتواجهان بلا دليل من الاجتهاد ونحوه. فإن قلت: مساعدة الإمام الحق ودفعٍ البغاة واجب، فلم منع أبو بكرة منها؟ قلت: لعل الأمر لم يكن بعد ظاهرًا عليه.

اعلم أن المتواجهين إما أن يكونا مخطئين في الاجتهاد والتأويل، أو أحدهما مصيب والآخر مخطئ ولا ثالث لهما؛ إذ محال أن يكونا محقين؛ إذ الحق عند اللّه واحد، أو لا يعلم شيء منهما، ففي الأول يجب الإصلاح بينهما إن كان مرجوًّا وإلا فالاعتزال ولزوم البيوت وكسر السيوف، وفي الثاني يجب مساعدة المصيب، وحكم الثالث كالأول، وههنا قسم آخر وهو أنهما لا يكونان متأولين بل ظالمين صريحًا متواجهين عصبيّةً وتغلُّبًا فهو أيضًا كالأول.

ثم إن الدماء التي (٢) جرت بين الصحابة ليست بداخلة في هذا الوعيد إذ كانوا مجتهدين فيها، وكان اعتقاد كل طائفة أنه على الحق وخصمه على خلافه، ووجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله، لكن عليًّا كان مصيبًا في اجتهاده، وخصومه كانوا على الخطأ، ومع ذلك كانوا مأجورين فيه أجرًا واحدًا رضي اللّه عنهم أجمعين، وأما من امتنع أو منع فذلك لأن اجتهاده


(١) في الأصل: "كانا مجتهدا".
(٢) في الأصل: "الدماء الذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>