وإنما يفيده استصحاب ما كان [ثابتًا] من جواز بيعه قبل التدبير؛ إذ لم يوجب زوال الوق عنه، ثم رأينا أنه صح عن عمر رضي الله عنه:"لا يباع المدبر ولا يوهب وهو حر من ثلث [المال] "، وقد رفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن ضعف الدارقطني رفعه وصحح وقفه. وأخرج الدارقطني أيضًا عن علي بن ظبيان بسنده عن ابن عمر قال:"المدبر من الثلث" وضعف ابن ظبيان. والحاصل: أن وقفه صحيح وضعف رفعه، فعلى تقدير الرفع لا إشكال، وعلى تقدير الوقف لا يعارضه النص البتة؛ لأنه واقعة حال لا عموم لها، وإنما يعارضه لو قال عليه السلام: يباع المدبر. وإن قلنا بوجوب تقليده فظاهر، وعلى عدم تقليده يجب أن يحمل على السماع؛ لأن منع بيعه على خلاف القياس لما ذكرنا أن بيعه مستصحب برقه فمنعه مع عدم زوال رقيته وعدم الاختلاط بجزء المولى كما في أم الولد خلاف القياس فيحمل على السماع، فبطل ما قيل: حديث ابن عمر لا يصلح لمعارضة حديث جابر، وأيضًا ثبت عن أبي جعفر أنه ذكر عنده أن عطاء وطاوسًا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه عن دبر، الحديث، فقال أبو جعفر: شهدت الحديث من جابر: "إنما أذن في بيع خدمته" رواه الدارقطني عن عبد الغفار بن القاسم الكوفي عن أبي جعفر، وقال أبو جعفر: هذا وإن كان من الثقات الأثبات ولكن حديثه هذا مرسل. وقال ابن القطان: هو مرسل صحيح؛ لأنه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي وهو ثقة عن أبي جعفر، انتهى. فقد صرح أبو جعفر محمد الباقر الإمام بأنه شهد حديث جابر، وأنه إنما أذن في بيع منافعه، ولا يمكن لثقةٍ إمامٍ ذلك إلا بعلمه من جابر الراوي للحديث، هذا خلاصة ما حققه المحقق ابن الهمام، [انظر:"فتح القدير"(٥/ ٢٢ - ٢٤)].