أنه ما غير حرفًا منه، روي أنها قالت له: "القه ففاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك، فلقيته؛ [فسألته] فذكره لي نحو المرة الأولى، فلما أخبرتها قالت: ما أحسبه إلا قد صدق لم يزد فيه شيئًا ولم ينقص منه"، "ك" (٢٥/ ٥٤). ووقع في رواية سفيان بن عيينة الموصولة: "قال عروة: ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد اللّه بن عمرو في الطواف فسألته فأخبرني به"، فأفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة، وكأن عروة كان حج في تلك السُّنَّة من المدينة وعبد الله من مصر، فبلغ عائشة، ويكون قولها: "قد قدم" أي: من مصر طالبًا لمكة لا أنه قد قدم المدينة؛ إذ لو دخلها لَلَقيهُ عروة بها، ويحتمل أن تكون عائشة حجت تلك السنة وحج معها عروة فقدم عبد الله بعد، فلقيه عروة بأمر عائشة. قلت: ورواية الأصل تحتمل أن عائشة كان عندها علم من الحديث، فظنت أنه زاد فيه أو نقص، فلما حدث به ثانيًا كما حدث به أوّلًا تذكرت أنه على وفق ما كانت سمعت، ولكن رواية حرملة التي ذكر فيها أنها أنكرت ذلك وأعظمته ظاهرة في أنه لم يكن عندها من الحديث علم، ويؤيد ذلك أنها لم تستدل على أنه حفظه إلا لكونه حدّث به بعد سنة كما حدّث به أوّلًا لم يزد ولم ينقص، قال عياض: لم تتهم عائشة عبد الله، ولكن لعلها نسبت إليه أنه مما قرأه من الكتب القديمة؛ لأنه كان قد طالع كثيرًا منها، ومن ثم قالت: "أحَدَّثك أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا؟ " انتهى، "ف" (١٣/ ٢٨٥).