أصحابه كان معه" هو منقول بالمعنى؛ لأن لفظه - صلى الله عليه وسلم -: "قربوها لأبي أيوب"، فكأن الراوي لم يحفظه فكنى عنه بذلك، وعلى تقدير أن لا يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - عينه ففيه التفات؛ لأن نسق العبارة أن يقول:"إلى بعض أصحابي"، ويؤيد أنه من كلام الراوي، قوله بعده:"كان معه""ف"(١٣/ ٣٣٢).
قال الكرماني (٢٥/ ٨٤): أو تقديره: قربوها مشيرًا إلى بعض أصحابه. قوله:"فلما رآه كره أكلها" فاعل كره هو أبو أيوب، وفيه حذف تقديره: فلما رآه امتنع من أكلها وأمر بتقريبها إليه كره أكلها، ويحتمل أن يكون التقدير: فلما رآه لم يأكل منها كره أكلها، وكان أبو أيوب استدل بعموم قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١] على مشروعية متابعته في جميع أفعاله، فلما امتنع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أكل تلك البقول تأسى به فبين له النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه تخصيصه فقال:"أناجي من لا تناجي"، "ف"(١٣/ ٣٣٢). قوله:"أناجي من لا تناجي" أي: الملائكة. وفيه: أنهم يتأذون بما يتأذى به بنو آدم. وقيل: النهي خاص بمسجده - صلى الله عليه وسلم -. والجمهور على أنه عام، ويلحق به مجامع العبادات كمصلى العيد، ويلحق بالثوم كل ما له رائحة كريهة، "ك"(٢٥/ ٨٤).
قال ابن بطال: قوله: "قربوها" نص على جواز الأكل، وكذا قوله:"فإني أناجي … " إلخ، "ف"(١٣/ ٣٣٢)، "ع"(١٦/ ٥٦٤). مطابقته للترجمة من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما امتنع من أكل الخضرات المذكورة لأجل ريحها امتنع الرجل الذي كان معه، فلما رآه قد امتنع قال له: كل، وفسّر كلامه بقوله:"فإني أناجي … " إلخ، "ع"(١٦/ ٥٦٣).