وقوله:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ}[٢٢٠]، وقوله:{وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ}[٢٥١]، وقوله في آل عمران:{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[٧٣]، وقوله:{يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}[١٧٩]، وقوله في النساء:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[٤٨،]، وقوله في الأنعام:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا … } الآية [١٤٨]، فقد تمسك بها المعتزلة وقالوا: إن فيها ردًّا على أهل السُّنَّة.
والجواب: أن أهل السُّنَّة تمسكوا بأصل قامت عليه البراهين وهو أن الله خالق كل مخلوق ويستحيل أن يخلق المخلوق شيئًا، والإرادة شرط في الخلق ويستحيل ثبوت المشروط بدون شرطه، فلما عاند المشركون المعقول وكذبوا المنقول الذي جاءتهم به الرسل وأُلزموا الحجة بذلك؛ تمسكوا بالمشيئة والقدر السابق، وهو حجة مردودة؛ لأن القدر لا تبطل به الشريعة، وجريان الأحكام على العباد باكتسابهم، فمن قدر عليه بالعصيان كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالعذاب إلا أن يشاء الله أن يغفر له من غير المشركين، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب. وحرف المسألة أن المعتزلة قاسوا الخالق على المخلوق [وهو باطل]؛ لأن المخلوق لو عاقب من يطيعه من أتباعه عد ظالمًا لكونه ليس مالكًا له بالحقيقة، والخالق لو عذب من يطيعه لم يعد ظالِمًا؛ لأن الجميع ملكه فله الأمر كله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل. وقال الراغب: يدل على أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعال العباد متعلقة بها وموقوفة عليها ما اجتمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع الأفعال. وأخرج أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة الزهري من طريق ابن أخي الزهري عن عمه قال: كان عمر بن الخطاب يأمر برواية قصيدة لبيد - رضي الله عنه - التي يقول فيها: