للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال البيهقي: القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفات ذاته، وليس شيء من صفات ذاته مخلوقًا ولا محدثًا ولا حادثًا، قال الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] فلو كان القرآن مخلوقًا لكان مخلوقًا بكن، ويستحيل أن يكون قول الله لشيء بقول؛ لأنه يوجب قولًا ثانيًا وثالثًا فيتسلسل وهو فاسد، وقال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، ولا يجوز أن يكون كلام المتكلم قائمًا بغيره، وقال تعالى: " {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا … } " الآية [الشورى: ٥١]، فلو كان لا يوجد إلا مخلوقًا في شيء مخلوق لم يكن لاشتراط الوجوه المذكورة في الآية معنى؛ لاستواء جميع الخلق في سماعه من غير الله، فيبطل قول الجهمية: إنه مخلوق في غير الله، ويلزمهم في قولهم أن الله خلق كلامًا في شجرة كلم به موسى أن يكون من سمع من ملك أو نبي أفضل في سماع الكلام من موسى، ويلزمهم أن تكون الشجرة هي المتكلمة بقوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: ١٤]. وقد أنكر الله قول المشركين: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: ٢٥]، ولا يعترض بقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: ٤٠]؛ لأن معناه قول تلقاه عن رسول كريم؛ لقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦]، ولا بقوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: ٣]؛ لأن معناه سميناه قرآنًا، وهو كقوله: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} [النحل: ٦٢]. وأما قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] فالمراد أن تنزيله إلينا هو المحدث لا الذكر نفسه، وبهذا احتج الإمام أحمد، ثم ساق البيهقي حديث نيار - بكسر النون وتخفيف التحتية - ابن مُكرم: أن أبا بكر قرأ عليهم سورة الروم فقالوا: هذا كلامك أو كلام صاحبك؟ قال: ليس كلامي ولا كلام صاحبي ولكنه كلام الله. وأصل هذا الحديث أخرجه الترمذي مصححًا. وعن علي بن أبي طالب: ما حكَّمت مخلوقًا، ما حكمت إلا القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>