للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال ابن حزم: قالت المعتزلة: إن كلام الله صفة فعل مخلوقة. وقال أحمد ومن تبعه: كلام الله هو عمله لم يزل وليس بمخلوق. وقال الأشعرية: كلام الله صفة ذات لم يزل، وليس بمخلوق، وهو غير علم الله، وليس لله إلا كلام واحد. وقال: إن الدلائل القاطعة قامت على أن الله لا يشبهه شيء من خلقه بوجه من الوجوه، فلما كان كلامنا غيرنا وكان مخلوقًا وجب أن يكون كلامه سبحانه وتعالى ليس غيره وليس مخلوقًا.

وقال غيره: قالت الجهمية [والمعتزلة] وبعض الزيدية والإمامية وبعض الخوارج: كلام الله مخلوق، خلقه بمشيئته وقدرته في بعض الأجسام، كالشجرة حين كلم موسى عليه السلام، وحقيقته قولهم: إن الله لا يتكلم، وإن نسب إليه ذلك فبطريق المجاز. وقالت المعتزلة: يتكلم حقيقة لكن يخلق ذلك الكلام في غيره. وقالت الكلابية: الكلام صفة واحدة قديمة العين لازمة لذات الله كالحياة، وأنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته، وتكليمه لمن كلمه إنما هو خلق إدراك له يسمع به الكلام، ونداؤه لموسى لم يزل ولكنه أسمعه ذلك النداء حين ناجاه، ويحكى عن أبي منصور الماتريدي من الحنفية نحوه لكنه قال: خلق صوتًا حين ناداه فأسمعه كلامه. وزعم بعضهم أن هذا هو مراد السلف الذين قالوا: إن القرآن ليس بمخلوق، وأخذ بقول ابن كلاب القابسي والأشعري وأتباعهما وقالوا: إذا كان الكلام قديمًا لعينه لازمًا لذات الرب وثبت أنه ليس بمخلوق فالحروف ليست قديمة لأنها متعاقبة، وما كان مسبوقًا بغيره لم يكن قديمًا، والكلام القديم معنى قائم بالذات لا يتعدد ولا يتجزأ بل هو معنى واحد، إن عبر عنه بالعربية فهو قرآن أو بالعبرانية فهو توراة مثلًا. وقال بعض الحنابلة وغيرهم: إن هذه الحروف والأصوات قديمة العين لازمة للذات ليست متعاقبة قائمة بذاته، والتعاقب إنما يكون في حق المخلوق، وذهب أكثر هؤلاء إلى أن الأصوات والحروف هي المسموعة من

<<  <  ج: ص:  >  >>